استمتع بقراءة وتحميل السعبري بصيغة pdf مجانا من موقع .. أكبر موقع تحميل كتب في الوطن العربي.
وصف رواية السعبري
السعبري أديب وشاعر عراقي، عاش متنقلا بين المدن والقصبات بزيه العربي المألوف، بعدما خلع عنه( جنون العباقرة) زي طلبة العلوم الدينية، فصار هائما ينشد الشعر هجاءا ورثاءا، ومنذ ذلك اليوم الذّي ظهر فيه بتلك الهيئة الجديدة، ولا أحد يعرف إن كانَ ذلك التغيير الذّي اعتراه بمحض إرادته، أو رغما عنه، ولم تفلح الأيّام أن تسترد بعضًا من ودها الذّي منحته لهُ في غابرها عندما كانت تُخلع عليه الألقاب الرّنّانة، ويُفسح لهُ في المجالس، ويُذكر اسمه بالتوقير، والتبجيل.
أصبح بغير حالته التّي عُرف عليها من الوقار والهيبة، فصار كأنّهُ أعرابي بوهيمي، لا يكترث لهُ من يراه، بل يملي عليه شفقته وينصرف، فإن استنطقه أحدهم ظَلَّ منبهرا بما يصدر منه، غير قادر على مزج تلك الصورة التّي تقف أمام عينيه بذلك الصوت المتوغل في مسامعه، صوت نابغ بالأدب والحكمة التّي ظَلَّ متمسكاً بها، معبرا عنها بما تعلمه وعلّمه في اللّغة والأدب، بين ميادين العلم التّي أفنى عمره فيها، حتّى عصمت لسانه من اللحن، فصار يتكلم الفصحى في حياته اليومية الاعتيادية.
يرى أهل المراتب والكمالات أن بين العقل وذهابه منازلا ومقامات، فقد يرى عامة النّاس عالمًا زاهدا مشغولا عنهم، يختلف ويتخلف عن ممارساتهم بكل تفاصيلها العادية وينهج غير سبيلهم، ولكنّهم لا يدركون أنّهُ منتقل الى غير عالمهم، ولم يبق منه غير الجسد بينهم، هائما في لذائذ المعرفة وسائحا في بساتين الانعتاق من قيود المكان والزمان.
يشتغل ويشغل أغلب أوقاته بالقراءة، فليس غريبا أن يكون بين يديه يقلب صفحاته، ويطيل النّظر فيه، ومعه مصباح يدوي يستعين به حين يشح الضوء ليستكشف بنوره السطور، والطريق الذّي يسير فيه، تخطى حاجز العادات والتقاليد، فراح يغرد خارج السرب منفردا عن محيطه، فكأنّهُ يعيش في هذا الكون لوحده، قادما من المستقبل بثوب الماضي العتيق.
لا يبخل بالنصيحة حين تُطلب منه، ولا ينفك معترضا على خطأ يرد أمامه فيصوبه، ثمّ يمضي لشأنه، يُرمّز كلماته حين ينتقد السُّلطة الحاكمة، وإن لزم المقام قولاً بليغا جلدها بعباراته الساخرة، وإلا انصرف وترك المكان، وإن اعترضه أحدهم وحاول النيل منه في بعض المواقف المتأزمة، لا يرتد عن إبداء رأيه متهكما غير مبال بردود الأفعال، وحجته البالغة هي حكمته التّي تسترعي الانتباه، وتشد الأنظار، فتأخذ بالألباب، بقالب ساخر متفكه، لقد أجاد دور البهلول بين النّاس.
أصبحت مواقفه حكايات يتناقلها البعض في خلواتهم، في أيام ترصدت السُّلطة لمحات العيون، ونفثات الألسن، فصار النّاس صامتين عنها علنا، هامسين بها في سرهم؛ فالحائط لهُ آذان في قاموسهم، يخشون أن تسمع السلطة هسيس ألسنتهم، يستأنسون بمواقفه ويتناقلونها، يضحكون فيخففون بها عن حزنهم، ويميطون بها الأذى عن قلوبهم، يجدون فيه متنفسهم، فكأنّهُ خُلق ليتحدث نيابة عنهم، فصار محبوبهم الذّي لا يملون منه، يذكرون مواقفه الساخرة، يوقرونه في دخيلتهم، ويتجاهلونه في علانيتهم، يصيخون لهُ أسماعهم برغم تظاهرهم بغير ذلك، يقصدون الأماكن التّي يرتادها، يتعلّمون منه ما فاتهم فلديه من المعارف ما يغنيهم، ويسد ثغور جهلهم.
لم يغادر ساحته الحب والحنان، فقد كانَ عطوفا على الصغار، رحيما بالكبار، يجالس العجائز، ويمازح الكهول، كانَ يفيض حباً للمحيطين به برغم هجرته عائدا إلى مسقط رأسه، مخلفا وراءه أسرته، الزوجة والأولاد، و يا لها من هجرة خلفت فجوة مؤلمة، يكاد جرحها يلكم مشاعر كل من يفكر فيها، فكيف بمن يقاسي آلامها ويتجرع غصتها، فكيف ينأ والد عن أولاده، وعن أمّ أبناءه، شريكة حياته، إنّهُ حقاً لوضع مؤلم لهم، من جهة فقدهم لوالدهم، وهو على قيد الحياة، ولهُ حين يجن به اللّيل بعيدا عنهم فلا يسمع صوتهم، ولا يراهم أمام عينيه، فتخنقه غصة فقدهم، وتبلل وسادته دموع الشوق إليهم، ترى هل كانَ يتمنى أن يراهم يكبرون أمام عينيه، يكونون مبررا لوجوده ونماءً في ديمومته؟ لا يُعلم أيّهما أكثر أنانية البقاء أم الذهاب، لكنّهُ في النهاية ابتعد عنهم، وهكذا ارتضى لنفسه أن يظل بلا أسرة مدى الحياة، ولا شيء يربطه في البقاع.
تكفل الزّمن بتهدئته، فانتصر على الإحباط واليأس، أضحى صلبا لا تناله الأحزان، ولكنّهُ كانَ يخسر بعض جولات الصراع مع الحزن حين يختلي بنفسه عند النهر، وحينما يأوي إلى فراشه عند المساء.
تحميل وقراءة رواية السعبري تأليف محمد مشعل بصيغة pdf مجانا بروابط مباشرة وأسماء عربية ضمن تصنيف روايات عربية. كتب pdf أفضل وأكبر مكتبة تحميل وقراءة كتب إلكترونية عربية مجانا.