تحميل كتاَب الطالبة مذعورة معالجة غير تقليدية لأسلوب المحاضرة pdf

بعد حصولي على الدكتوراه في تخصصي الطبي الدقيق قررت اعتناق مبدأ التعلم الذاتي المستمر مدى الحياة وقد قادني هذا إلى القيام بدراسات موازية في مجال التعليم الطبي.  وقد شملت هذه الدراسات العديد من المحاور منها مثلا طرق التدريس والتعلم وتصميم المناهج والتقويم.  كذلك قررت الدراسة في مجالات الجودة والادارة والتي شملت محاور عدة مثل ادارة التغيير والقيادة والتخطيط الاستراتيجي في المجالات الطبية. وعليه قمت بأبحاثي العلمية في كلا المجالين الطبي والإنساني كما سلكت طريقي في مجال التدريب فليكون امتدادا طبيعيا لتلك الدراسات المتنوعة خاصة فيم يتعلق منها بتنمية الموارد البشرية.

بعد كل هذه السنوات من العلم والدراسة والبحث والتدريب؛ آمنت بأن رسالتي الحقيقية في الحياة أن أجعل هذا علما ينتفع به وأن يصل هذا العلم ومعه كل ما اكتسبته من خبرات الى طلابي وزملائي بصورة مبسطة حتى يستطيعوا الاستفادة منهما رغم ضيق ما لديهم من وقت وازدحام جداولهم بالالتزامات والمهام العلمية في تخصصاتهم المتنوعة. فكانت اتي سبيلي إلى ذلك. خاصة بعد سؤال وجهه لي شاب طموح من عمر أبنائي أثناء حديث لنا معا حيث سألني: لم لا تؤلفي كتبا وتضعي فيها خبراتك؟ أيقظ هذا السؤال حلما قديما لم يسمح لي ضيق الوقت وكثرة المشاغل بتحقيقه؛ هذا الحلم ظل يراودني كلما ساهمت في إعداد مواد تدريبية أو كتبت في مجالي العلمي.

وحين فكرت أيقنت أن إتقان مهارات المحاضرة والتدريس لدى أحد الزملاء قد يعود بالنفع على المئات من طلابه على مدار حياته المهنية كمحاضر وكذلك تميز زميل ما في مجال العرض بالمؤتمرات قد يفتح له ولمستقبله العلمي آفاقا جديدة وأن إتقان احدى الزميلات لمهارة التواصل مع مرضاها إلى جانب تميزها العلمي قد يعود بالنفع على مئات المرضى ممن ستداويهم وتخفف عنهم آلامهم كما أنه سيزيد من رضائها عن نفسها وثقتها في ادائها.   

وحين قررت الة عن الأسلوب التدريسي التقليدي (المحاضرة lecture)؛ بنيت قراري هذا على أساس مدى أهمية هذا الأسلوب في الجامعات. فبرغم انتشار العديد من الطرق الحديثة في التدريس الا أنه لا يمكن الاستغناء عن المحاضرة. فلا يوجد عضو هيئة تدريس أو أحد المعاونين لم أولن يستخدم أسلوب المحاضرة يوما ما.  

ولكنى كنت في حيرة من أمري كيف سيكون أسلوب تناولي لهذا ال؟ هل سأقدمه من منظور علمي أي من خلال طرح ومناقشة الأبحاث التي تناولت شخصية المحاضر أو طرق العرض والالقاء والتدريس؟ أم من منظور أدبي روائي؟

ثم تذكرت مقولة الكاتب والصحفي الراحل أنيس منصور أنه تعلم هو وزملائه من الأستاذ عباس العقاد أن الله جعل العقل في قمة جسد الانسان لقيمة هذا العقل فكأنه رسالة من الخالق وأن هذا العقل وأثمن ما في الجسد”. فكان قراري الثاني كالتالي: حيث أنى أخاطب عقلك أيها القارئ وهذا العقل هو أثمن ما لديك وعليه يجب أن أخاطبه بما يليق به (بعقلك) وبك وبي أيضا. ولهذا اردت أن اكتبه بصورة مختلفة الى حد ما حيث يتناول المحاضرة؛ كأسلوب تدريسي واسع الانتشار ولا غنى عنه في المجال الأكاديمي. ويتم هذا التناول بصورة مختلفة من خلال سرد قصص وتجارب ووقائع حقيقية يعقبها انعكاسات ويتخلل هذه الإنعكاسات المبادئ والأساليب الرئيسية التي يجب أن نؤمن بها ونتبعها كمحاضرين؛ كما يشمل هذا ال على العديد من النصائح الهامة لأي محاضر. إلى جانب إجابات عملية وتطبيقية لأشهر التساؤلات وحلول للمشاكل الشائعة في قاعات المحاضرات.

بقي أن أختار لغة ال؛ وهنا كان قراري الثالث: أن أكتبه بلغتنا العربية الجميلة حتى يصل الي قلبك قبل عقلك بانسيابية ويسر. فرغم دراستنا للطب باللغة الإنجليزية الا أن علوم التدريب والتعليم الطبي مليئة بالمصطلحات العلمية الغير مألوفة للأطباء سواء الخاصة بالتدريس او الإدارة او علم النفس وعليه قد يكون من الأيسر الة باللغة العربية حيث أنها لغة الأم وستظل الأقرب الى القلب والعقل دوما مع وجود ترجمة لكل المصطلحات الهامة باللغة الإنجليزية لراغبي التعمق في المعرفة. كذلك فته للغة العربية ستتيح الفرصة لكل من يود الإطلاع عليه من زملائنا بالكليات أو الجامعات الأخرى التي يتم التدريس فيها بلغتنا الأم حيث أن موضوع المحاضرة هو أسلوب تدريسي يستخدم في كل التخصصات وليس حكرا على المجال الطبي كما هو الحال في الدراسة الإكلينيكية.

والآن سوف أترك لعقلك وفكرك أيها القارئ العزيز استخلاص ما يناسب رؤيتك الخاصة وقناعاتك وما يفيدك طبقا لشخصيتك ولمجال عملك والبيئة المحيطة بك؛ وعلى سبيل الدعابة سأقول لك: تخيل أنى لن أقدم لك طبقا مميزا وأنما سأقدم لك وليمة أرجوها وأظنها فاخرة ولتختر من هذه الوليمة ما تشتهى. فأنت ضيفي في هذا ال.

إنه دليل عملي مختصر من أجلك أنت عزيزي القارئ وهو محصلة خبرات متراكمة من قراءة عشرات الكتب؛ حضور عشرات المحاضرات؛ تدريب عشرات الدورات؛ ثم سفر عشرات الرحلات الى مدن داخل أو خارج وطني بقصد العلم والتعلم؛ وبالتالي أصبح لدى عشرات الخبرات والمواقف السعيدة والطريفة والمربكة والصعبة.

ببساطة ينقل إليك محصلة عمري كاملا منذ بدأت دراستي بكلية الطب كطالبة ثم عملي كعضو هيئة تدريس وسنوات عديدة من الالقاء والعرض والتدريب والتواصل في المجالات العلمية المتنوعة.

 إنه خبرة أستاذة جامعية وطالبة؛ محاضرة ومدربة؛ طبيبة وباحثة علوم إنسانية.