تحميل كتاَب سنوات الثقب الأسود pdf

رواية سنوات الثقب الأسود pdf تأليف حسين مهران.. تنقضي سنوات طويلة، ولا نعرف في ماذا انقضت، كأنها اختفت في ثقب أسود ابتلعها وابتلع كل ما فيها، لا تتذكر أي شيء يميز هذه السنوات ولا تعرف هل صنعت فارقًا في حياتك خلالها أم لا.. تلك هي سنوات الثقب الأسود التي يفكر فيها ياسين عمران، ويبدو أن الأفكار تزاحمت في عقله أثناء رحلته من القاهرة إلى مسقط رأسه بالأسكندرية.. كيف انقضى من عمره أربعون عامًا، وهو لا يدري كيف انسلت من بين يديه أو ماذا حقق فيها؟ ظل شاردًا يتذكر الكثير من الأحداث والمواقف، مع والديه بعد أن ماتا، ومع الأهل والأصدقاء، يحاول الإجابة عن كثير من التساؤلات المحيطة به، وإذا به يقابل صديقًا قديمًا، يشبهه تمامًا، وتبدو أثار السنوات على وجهه كما تبدو على وجه ياسين.. يبدو أنه أيضًا عانى من سنوات الثقب الأسود.. من هنا تدور أحداث الرواية في إطار اجتماعي ونفسي، بين ذكريات السنوات والحزن على ذهابها.

“صار الآن وحيدًا في تلك الشقة العتيقة، ينام بمفرده على نفس السرير بنفس الغرفة كما اعتاد أن يفعل طيلة أربع وعشرين سنة هي كل عمره، لكنه منذ تلك الليلة لم يفارقه الشعور بالبرد، مهما تدثر بالأغطية، ومهما أحكم إغلاق النوافذ، ومهما دس الملاءات القديمة تحت عتبات أبواب الشرفة، لم يكن باستطاعته الإحساس بدفء البيت كما كان يعرفه، كانت رطوبة الشتاء تنشع من تربة الأرض تحت قدميه عبر بلاط الأرضية البارد، وكان يلحظ ذلك للمرة الأولى، لم ينتبه طوال سنوات العمر تلك كلها إلى برودة تلك الشقة وإلى وحشة الظلمة فيها أثناء الليل، ربما كانت أنفاس أبويه هي ما يمد تلك الشقة العتيقة الباردة، ربما كانت تلاوة أبيه المسائية المعتادة للقرآن هي ما يسكّن تلك الوحشة، كان ينسل من فراشه عندما تبلغ البرودة ذروتها قرب بزوغ الفجر ليندس في فراش أبويه، ويتدثر جسده بلحافهما الأخضر الأثير ذي الغطاء القطني الزاخر بزهور صفراء كبيرة، فيغرق حتى الصباح في نوم عميق لا تؤرقه برودة أو رطوبة”