تحميل كتاَب قهوة حبشي pdf

رواية قهوة حبشي pdf تأليف كمال رحيم.. تأخذنا أحداث الرواية إلى أعماق الريف المصري، هناك حيث ينبش المؤلف في أحراشه وشخصياته، يتعامل مع كل واحد من أبطال وشخصيات الرواية بما لديه من جوارح وميول ورغبات ومشاعر وسلوكيات، يعرض لنا الشخصيات ظاهريًا أي من الخارج، وداخليًا من الباطن، ويقف بنا أمام ارتسامات العادات والتقاليد في القرية، والمصائب التي تحل بها بين الفينة والأخرى، نتجول مع الشخصيات المسحوقة والمهمشة من المجتمع المصري، نرى المتسولين والشحاذين، والقهوجي أو صبي القهوة الذي احتل مساحة درامية كبيرة من الرواية، إنه صبي لا غنى عنه، في القهوة، في العزاء، في بعض البيوت، يتحرك في كل مكان تقريبًا، ويكاد يكون هو عمود الأحداث، يتردد عليه في القهوة الكثير من الشخصيات بما لديها من آلام وأفكار وخواطر وأحلام، يسمعهم يتحدثون ويتدخل أحيانا في أحاديثهم، ثم يأتي المعلم حبشي، صاحب القهوة، الرجل الذي يشرف على كل شيء، ويتعلق بالقهوة ثلاثة متسولين، وغيرهم من الشخصيات المبهرة التي تنفتح أمامنا في القرية.

“ما إن غاص في النوم إلا وشعر بأنه على حافة شيء يبتلع، وهي خطوة ويهوي به..
فراغ ودنيا مكحل، فلا بيت يلوذ به ولا أحد يغيث لا كبيرًا ولا صغيرًا أو شعاع نور ولو من بعيد، عتمة وسكات وشيء على وشك الانقضاض. شيء نيّاته سيئة، ولا يُرى.. وقع خطواته فقط هي التي تقول إنه يقترب، ومن الخضة والزومان الذي تئن به حنجرته يقوم نصف قومة وحبّات عرق تسيل فوق جبهته. يتلفت حوله مستعيذًا بالله وإدراكه لا يزال مشوشًا، وكأنه لم يستوثق بعد إن كان لا يزال في قلب الكابوس أم أفلت منه.
وسريعًا إلى لمبة الجاز المعلقة على الحائط، ضوؤها ضعيف مثلما تركه قبل أن ينام، أمسك بقاعدتها وبرعشة أصابعه أدار فتيلها فتضاعف النور وبانت مفردات القهوة.. موقد النار.. سطل ماء تعوم فوق سطحه فقاعات رغوة صابون.. أكواب لم تغسل بعد.. علبة دخان ملقاة وبها سيجارة منسية، وكأنهم صلوا الفجر، تأتيه أصوات الناس وهم خارجون من الجوامع، ونعير جاموسة من بيت قريب نعير كالبكاء كما لو أنها على وشك الولادة أو بها داء”